شهد الدرهم المغربي ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 8.3% أمام الدولار الأمريكي بين يناير وأبريل 2025، وفقًا لأسعار الصرف المرجعية الصادرة عن بنك المغرب. هذا التحول مدفوع بعوامل دولية تضعف الدولار وبوفرة العملة الصعبة في السوق المغربية، مما يؤثر بشكل مباشر على توازنات الشركات: تقليص في التكاليف بالنسبة للمستوردين، وضغوط متزايدة على تنافسية المصدرين.
منذ بداية عام 2025، يواصل الدرهم مساره الصاعد أمام الدولار، حيث انتقل سعر الصرف من 9.49 إلى 9.29 بين 2 يناير و18 أبريل. في المقابل، تراجع أمام اليورو بنسبة 0.7%، منتقلاً من 10.47 إلى 10.55، مما يعكس تأثير نظام سلة العملات الذي يعتمده المغرب.
ارتفاع الدرهم أمام الدولار له انعكاسات متفاوتة على الشركات المغربية، حسب نشاطها. المستوردون يستفيدون من انخفاض كلفة الفواتير الدولارية عند تحويلها إلى الدرهم، خاصة في واردات الطاقة والمواد الأولية، حيث يُتوقع انخفاض أسعار المحروقات مثل الغازوال. وهذا من شأنه أن يُخفف العبء على المستهلكين إذا ما تم تمرير هذا الانخفاض في الأسعار.
على الجانب الآخر، يعاني المصدرون من هذا الارتفاع. رغم أن أقل من 40% من الصادرات المغربية تُسعّر بالدولار، إلا أن القطاعات الاستراتيجية مثل مجموعة OCP تتأثر مباشرة. فالمداخيل الدولارية تبقى ثابتة، لكن قيمتها بالدرهم تتراجع، مما يقلل من الإيرادات المحاسبية ويؤثر سلبًا على هامش الربح.
أما التحويلات المالية من الجالية المغربية بالخارج، فإن التأثير عليها يبقى محدودًا. فمثلاً، من يُرسل 100 دولار إلى عائلته، سيُلاحظ انخفاضًا طفيفًا في المبلغ المحول إلى الدرهم، لكن ذلك لا يغيّر حجم التحويلات نفسها.
بشكل عام، يظهر تأثير تغير سعر الصرف بوضوح على مستوى النتائج المالية للشركات، دون أن يكون له أثر مباشر كبير على ميزان المدفوعات أو تدفقات العملة الصعبة.
ما الذي يدفع الدرهم للارتفاع في 2025؟
ارتفاع الدرهم يعود إلى عاملين رئيسيين:
الضعف الدولي للدولار نتيجة لتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وتصاعد التوترات التجارية بفعل سياسات إدارة ترامب، خاصة بعد فرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية والمنتجات الصينية. هذا أدى إلى تحول المستثمرين نحو أصول آمنة مثل الذهب، مما زاد الضغط على الدولار في سلة العملات (60% يورو، 40% دولار).
وفرة العملة الصعبة في السوق المغربية نتيجة لفائض الميزان التجاري في السلع والخدمات، وتزايد تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وانتعاش قطاع السياحة، وتحسن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقد أشار تقرير Attijari Global Research إلى أن هامش سيولة الدرهم سجل أدنى مستوياته منذ فبراير 2022، مما يدل على سوق صرف مستقر ومزود جيدًا.
هذه العوامل المزدوجة—الضغط الدولي على الدولار وتدفق العملات الأجنبية نحو المغرب—تفسر هذا الارتفاع القوي للدرهم في الربع الأول من 2025.